أيتها الزوجة التي منَّ الله عليها بحياة أسرية ومنَّ عليها بزوج فاضل وبذريَّة هنية.. أيُّها الزوج الذي منَّ الله عليه بامرأةٍ صالحةٍ.. أنتما جناحان تطير بهما العائلة إلى آفاقِ المجد، نعم.. فبكما يحدث السكن لكليكما، وبكما تنعم الذرية بالحنان والطمأنينة، وبتضحيتكما ونصحكما وبَذْلكما وعطائكما ينشأ جيل صالح، صحيح الجسم برعايتكم الصحيَّة، وصحيح النفس برعايتكم الدينيَّة والاجتماعيَّة.
هدفكما في الحياة توحَّد، وجهدكما قد توجَّه، وأملكما في الله قد تجدَّد.. فما الذي يُسهِّل أمركما في التربية؟
الأمر الأول:
تجديد العهد مع الله، والاستزادة من الطاعات وهجر المخالفات وإن هانت؛ فأنتما بفعليكما تربيان غالبًا بلا كلام، بل بجميل الفعال، ورُبِّ حال أغنى عن مقال.
الأمر الثاني:
تجديد العهد بينكما؛ فأنتما حينما قرَّرتما العيش معًا كان عهدًا وثيقًا، والعهود تحتاج دائمًا إلى توثيق، ووثاقها كلمة طيبة، وبسمة حانية، وموقف ينم عن الإخلاص في الحب والمضيِّ في الدرب، والشد من الأزر.
الأمر الثالث:
عليكما بالتجاوز كلما اعترض سبيل سعادتكما مشكلة، أو اعترض سبيل تقدم مسيرتكما الحياتية مشاكل فرعيَّة، لا.. بل تجاوزا كل طريقٍ فرعي يضعكما في متاهات، وكل نصيحةٍ جاءت من خارج بيتكما وبعيدة عن واقعكما؛ فأنتما بمصلحة أسرتكما أدرى.
الأمر الرابع:
ليس من مصلحة أحدكما أن ينحاز إليه الأطفال والأبناء، فهذا مردوده النفسي على الأبناء ليس بصحيح، ولكن الأسلم والأحسن أن يشعروا بأهميتكما معًا.
الأمر الخامس:
كلنا يحبُّ الكمال والجمال وحسن الخلق، ولكن أنَّى لهذه الأمور أن تكون مجتمعةً في شخصٍ واحد، بل أنَّى تكون نسبة وجودها واحدة، فلينظر كل واحد منا إلى الجانب المضيء في حياةِ الآخر، وليحمد الله على ما حباه، وليرتقِ برفيق عمره؛ فقيادة الأسرة تحتاج إلى التعاون والتشاور والتناصح وشد الأزر ودفع القهر ونبذ الخصام، والسعي إلى تقريب وجهات النظر المفضي إلى الوئام.
الأمر السادس:
لا بد من الصبر؛ فكل ما في الحياة الأسريَّة يدعو إلى ضرورة الصبر؛ فهناك سهر مع الوليد، ورعاية للمريض، وتحبيب في العلم، وتحفيز للهمم، وإزاحة للمشكلات، وتحمُّل للمصيبات من نقصٍ في مالٍ أو ولد، أو تحمُّل أعباء فوق أعباء الأسرة، وانتقال من حالٍ إلى حال.
الأمر السابع:
حفظ العهد والوداد، والثبات على سابق العهد، وإبداء الرغبة في صحبة الطرف الآخر وإن حصل شيء من التغيير في صحة بدنه، أو طريقة تفكيره، أو تغيير في مزاجه.
الأمر الثامن:
لكل زوجٍ خصوصيات، وعلى كل طرفٍ ترك فسحة لخصوصيات الآخر؛ مما يؤمِّن له فرصة التفرد والتميز والحرية، ومنها رعاية المواهب وتنميتها وعدم الانتقاص منها، كذلك رغبة الطرف الآخر في عمل الخير، وحبذا لو مشيا به معًا، ومنها بعض العادات في المأكل والمشرب والملبس، ومنها اهتمام كل واحد بأهله بشكلٍ لا يُؤثِّر على الحياة الأسرية.
وبعد.. هذا غيضٌ من فيض، وكلما كان هدف الزوجين من حياتهما واضحًا وضح الطريق أمامهما وتذللت الصعوبات.